خاصّ | المصوّر الفلسطينيّ - السوريّ نيراز سعيد... أحقًّا استشهد تحت التعذيب؟

معظم من نقلوا الخبر عام 2018، وكانوا مصدرا له، باتوا اليوم غير متأكدين منه، وينكر بعضهم أن يكون المصدر الأول | | وفقا لمعلومات جمعها "عرب 48"، فإن مصدر الخبر الأوّل، كان متزعِّمَ ميليشيا فلسطينيّة قاتلت إلى جانب النظام

خاصّ | المصوّر الفلسطينيّ - السوريّ نيراز سعيد... أحقًّا استشهد تحت التعذيب؟

نيراز سعيد في مخيم اليرموك

مرّت أربع سنوات على إعلان استشهاد المصوّر الفلسطينيّ - السوريّ، نيراز سعيد، في معتقلات النظام السوريّ، وسبع سنوات على اعتقاله من مكتب منظمة إغاثيّة في قلب دمشق، بعد أن خرج من حصار خانق أُطبق على مخيم اليرموك للّاجئين الفلسطينيين، لتظهر مؤخرًا رواية جديدة، قد تنسف خبر استشهاده تحت التعذيب، والذي تبنّاه صحافيّون ومنظّمات حقوقيّة وصحافيّة.

في الثامن عشر من تموز/ يوليو عام 2018، أعلن بشكل غير رسمي عن استشهاد نيراز، في وقت كانت أجهزة النظام الأمنيّة قد اتّبعت طريقة جديدة في الإعلان عن ضحايا الاعتقال، عبر منح شهادة وفاة رسميّة من مراكز القيود المدنيّة في البلاد، في طريقة كشف من خلالها النظام وبنصيحة روسيّة، عن مصير آلاف المعتقَلين في مختلف المدن السوريّة، والذين قضوا تعذيبا في سجونه.

سرعان ما انتشر الخبر كالنار في الهشيم، نظرًا للقيمة التي كان يمثّلها المصوّر الفلسطينيّ الذي وثّق أيام حصار المخيم، الذي تسبّب باستشهاد أكثر من 200 مدنيّ فلسطينيّ جوعا أو مرضا، منذ عام 2013، وحتى عام 2015.

سعيد في المخيم

بعد أيام من ذلك، نفت عائلة نيراز في دمشق حصولها على أيّ شهادة وفاة تحمل اسم نيراز، غير أن النفي لم يلقَ أي اهتمام من قِبل المتابعين والصحافيين، وحتى زملاء نيراز من ناشطين وصحافيين، لأن العائلة تقيم في دمشق، ففُسر المنشور الطويل الذي نفت فيه العائلة الخبر، بأنه ناتج عن ضغط مباشر من أجهزة الأمن، ومدير جمعية "نور" محمد جلبوط، المتهم بتسليم نيراز من مكتبه في ساحة "الميسات" في دمشق، إلى الفرع 251 المعروف باسم فرع "الخطيب"، التابع لإدارة المخابرات العامّة. أما اليوم، يتبيّن أن أيّ نوع من الاتصال بين جلبوط وعائلة نيراز، لم يحدث حتّى ذلك التاريخ.

من أين جاء الخبر؟

وفقا لمعلومات جمعها "عرب 48"، فإن مصدر الخبر الأوّل، كان متزعِّمَ ميليشيا فلسطينيّة قاتلت ولا تزال إلى جانب النظام السوريّ في أكثر من مدينة سوريّة، وقد سرّب الخبر لأقارب وأصدقاء نيراز، فيما نفى مكتبه علمه بمصير نيراز أمام رئيس الدائرة السياسيّة في منظّمة التحرير الفلسطينيّة، أنور عبد الهادي، الذي بات لاحقًا سفيرًا لفلسطين في دمشق.

عناصر قوات النظام في المخيّم (أ ب)

إيمان أسرة سعيد ببقائه على قيد الحياة، لا يختلف أبدًا عن إيمان كل الأسَر السورية التي غُيب أبناؤها، منذ سنوات في معتقلات النظام. وكبقية الأسَر، لا تزال عائلة سعيد تحاول البحث عنه انطلاقا من دمشق، وسط تضارب مرعب في المعلومات والأخبار التي تتحصّل عليها العائلة، من قانونيين حينًا، ومتعاملين مع أجهزة المخابرات حينًا آخر، وحتّى ضبّاط وعناصر أمن في أحيان أخرى.

إلى كوبلنز

في ألمانيا، لا يزال الحقوقيّ السوريّ، أنور البني، يعمل على كل فرصة ممكنة لاقتياد المتورطين في جرائم الحرب في سوريّة، إلى المحاكم الألمانيّة، مستغلًّا - وفق ما يقول - الولاية القضائيّة العالميّة، التي تتمتع بها هذه المحاكم، وتحديدًا في كوبلنز.

وعقدت المحكمة حتى الآن جلسات استماع ومحاكمة لضباط وعناصر، وطبيب؛ تورّطوا في عمليّات قتل وتعذيب وحشيّ في سوريّة، قبل أن يفرّوا إلى عدد من البلدان الأوروبيّة، ومن بينهم موفق داوة، المتهم باستهداف المدنيين بشكل مباشر في فترة حصار مخيم اليرموك.

دمار خلّفه النظام في المخيّم (أ ب)

آخر من تمّ ذكرهما في ملف من المتوقَّع أن يُعلن عنه كقضيّة بشكل رسميّ في وقت قريب، هما؛ مدير منظّمة "نور" للإغاثة والتنمية في دمشق، محمد جلبوط، ووسام السباعنة، مدير منظمة "جفرا" المرخّصة في عدد من البلدان الأوروبيّة.

لكنّ الاسم الذي يغيب أو سيغيب عن المحكمة، هو غ. ع. والتي يتهمها ناشطون، ليس بتسليم سعيد فقط، بل بتسليم عدد كبير من ناشطي مخيم اليرموك وجنوب دمشق، عبر طرُق شتّى، مثل التقرُّب من الناشطين جنوبيّ دمشق ومخيّم اليرموك، حيث كانت ترافق جلبوط خلال إدخال مواد إغاثيّة إلى منطقة يلدا المحاذية للمخيم، فيما باتت لاجئة في أوروبا، بعد سنوات من اتهامها بالتعامل مع أجهزة النظام الأمنيّة.

ووفق المعلومات التي تحصّل عليها "عرب 48"، فإنّ لـع.غ دورًا في اعتقال نيراز وتغيبه، بعد خروجه من جنوب دمشق بموجب تسوية نسّق لها جلبوط. وفُصِلت ع.غ من العمل في منظمة "جفرا"، بعد اعتقال نيراز بأيام قليلة.

في أوروبا، وفي مدن عدة حيث يقيم ناشطون وصحافيّون سوريّون، ينشط حراك للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السوريين في سجون النظام، فيما تُنظَّم وقفات أمام سفارات دول كبرى في مواعيد مختلفة، وأمام محكمة مدينة كوبلنز، تشارك فيها نساء سوريّات لا يزال أبناؤهنّ أو أزواجهنّ، مغيّبين في المعتقلات والسجون.

(أ ب)

وفي دمشق، تنشط تجارة على علاقة مباشرة بالمعتقَلين، يقودها ضباط أمن ومتعاملون معهم ومحامون، يتقاضون مبالغ طائلة وبالعملة الأميركية، بهدف تأمين معلومات عن معتقلين، أو نقلهم إلى سجون مدنيّة، أو حتى إطلاق سراحهم إن كانوا على قيد الحياة.

التعليقات